top of page
  • Writer's pictureورشة مخ

الأزياء كلوحة فنية



"يجب أن يكون المرء إمّا عملاً فنياً أو أن يرتدي عملاً فنيًا" - أوسكار وايلد.

بعد تعاون سلفادور دالي وإلسا سكياباريللي في صنع قبعة الحذاء السيريالية الشكل لعام ١٩٣٧؛ ابتدأت في الموضة والأزياء موجةٌ جديدة. فالقبعة السيريالية لم تكن مجرد قبعة، بل كانت تصورًا لأفكار وأحلام دالي تمامًا مثل تلك التي نراها في لوحاته. وأصبحت بعدها دور الأزياء تحاول بشدة أن تترك بصمة أقوى من مجرد صنع ملابس جميلة. ببساطة، أراد المصممون أن يكونوا فنانين وأن يتنافسوا على منصة الفن كما كان يفعل مايكل انجلو و رافائييل.

ونتيجة ذلك أظهرت لنا ملابس مشابهة للوحات الفنية وانتقلت من دور الأزياء إلى المتاحف الفنية بجانب أكثر الأسماء قداسة.

عبقرية كرستوف جيمن في برادا لمجموعة خريف/شتاء 2016.

مجموعة خريف/شتاء 2016 بالتعاون مع الفنان والكاتب والمخرج كريستوف جيمن.

الهجرة والمجاعة والتشاؤم هي موضوع أزياء برادا لمجموعة خريف/شتاء 2016، والتي كانت بالتعاون مع الفنان والكاتب والمخرج كريستوف جيمن. تُعتبر ميوشيا برادا (أصغر حفيدات ماريو برادا– مؤسس برادا. وتشغل منصب المدير التنفيذي لمجموعة برادا) مؤيدة للحزب الشيوعي ممّا جعل مجموعة برادا FW16 مشحونة سياسيًا بشكلٍ غير عادي، خصوصًا وأن كريستوف جيمن معروف برواياته ورسوماته الشريرة، فقد رسم سلسلة من الصور الأسطورية التي استخدمتها برادا لتجعلنا نفكر في مجتمعنا مُستخدمًا الكثير من الإلهام والمراجع للرسومات.

CULTURE OF EMPTINESS - ثقافة الفراغ

هذهِ الرسمة تصور جان دارك، وتشي جيفارا، ونينا سيمون، وهرقل، وغيرهم من الشخصيات الشهيرة بمشهد معركة وكأنهُ مستوحى من عصر النهضة. حيث تظهر نينا سيمون تصارع جاك دارك، بينما جيرونيمو يرفع مضرب الگولف فوق رأس تشي جيفارا. ويظهر هرقل محاولًا مُهاجمة سيگموند فرويد. مرجع الرسمة الدراماتيكية كان من معركة العراة لآنطونيو ديل بولايو (Antonio del Pollaiuolo's Battle of the Nudes)، حيث استبدل الفنان كريستوف الأشخاص المجهولين في الرسمة بأشخاص مشاهير ومعروفين، مُصورًا بذلك معركتنا المُعاصرة المليئة بالنرجسية، وثقافة الفراغ، ونزاع الذات. فكما نلاحظ في الرسمة الأصلية يتعارك الجميع مستخدمين الرماح والسِهام والفأس، بينما في رسمة كرستفور يظهر المشاهير وهم يتعاركون بجائزة الأوسكار ومضرب الگولف وغصن شجرة (يبدو وكأنه غصن مُقدس من الشجرة المُحرمة). ماذا لو كانت هذهِ الأسماء (الكُتاب، والمغنون… إلخ) التي نعتبرها عظيمة لديها حقًا هذهِ الاهتمامات عديمة الجدوى؟ هل هذهِ الأسماء حققت إنجازات لأسباب أكبر من نفسها؟ أم أنها فعلت كل شيء لأجل تحقيق أعلى مرحلة من الأنا؟ لا نعرف. لكن كل الشخصيات في لوحة كرستوفر يبدون مصممين على الانتصار في هذه المعركة العبثية.


IMPOSSIBLE TRUE LOVE - الحب الحقيقي المستحيل

على خلفية تصور نهاية العالم؛ يحتضن جندي يشبه آلفيس بريسلي كليوباترا تحت سماء مرصعة بالنجوم، مرجعًا لـ "موت الشمس والقمر وسقوط النجوم“

(Critoforo de Predis’ Death of the Sun, Moon, and Fall of the Stars) الرسمة مرسومة بشكلٍ سريالي، وتبدو وكأنها حُلم. حيث أن المعنى هُنا هو أن الوقت وهْم، وأن الحُب يُصنع حسب الظروف المحيطة به. واستخدم آلفيس بريسلي وكيلوباترا كمثال لإمكانية حدوث رومانسيات مستحيلة بين اشخاص لن يلتقوا أبدا! ذكي جدًا، أليس كذلك؟


Survival Utopia - يوتوبيا البقاء

التهديدات البيئية هي أكثر ما كان بارزًا في رسمة يوتوبيا البقاء. فالصورة تمثل أزواجا من الحيوانات الحقيقية والخيالية، كأحادي القرن (يونيكورن)، في وسط تلوث المصانع والبنايات. ومن الواضح أن البشر قد هجروا المكان حيث لا وجود لهم في الرسمة. كريستوف جيمن يُفجر الصافرة حول القضايا البيئية التي نواجهها في هذا القرن. فهل طريقتنا في الحياة ستعرضنا لخطر الانقراض، أيضًا؟

لصوص الولائم - Banquet Thieves

لصوص الولائم هو مشهد مأدبة مستوحاة من أسلوب الفانيتاس (Vanitas)، الذي نشأ كمحاولة لتحويل النصوص الدينية إلى فن. وظهر بين القرنين السابع والثامن عشر. وغالباً ما تتجلى في لوحات هذا النوع استخدام الرمزية في الزهور والأكل والجماجم التي تذكّر مشاهديها بسرعة زوال الحياة (رمزية لذة الطعام التي تنتهي فورًا، والزهرة التي تموت بسرعة) وحتمية الموت.

استخدم كريستوف الألوان الدافئة في لوحته، ووفرة الطعام تبدو وليمةً راقية. لكن عندما نقترب أكثر من اللوحة، سنلاحظ في الواقع أن المكان مليء بالفئران والحشرات التي تلتهم كل شيء.أيضًا، الانطباع والمنظور غير دقيق، فالطاولة مائلة أكثر من اللازم ومشرف المائدة يبدو وكأنه ينزلق. يسخر كريستوف من فكرة تسويق الطعام الإباحي (food prorn) تلك الطريقة العصرية لتصوير الطعام بشكلٍ إباحي وتسويقه بطريقة إغوائية تثير الرغبة في تناول الطعام أو تمجيده كبديل للجنس.

القسم الغامض 8’ سعادة مرجعية للفنان زانج هوان:

Section 8

يمين الفنان​ Zhang Huan في عرض my Japan / يسار section 8 لمجلة 032c

Section 8 العلامة التجارية المجهولة التي لا يُعرف عنها، ولا عن مؤسيسها أي شئ! فحتى عندما يكون الغرض من إخفاء الهوية هو التركيز على المحتوى والفن يتحول الترويج المجهول إلى نوع آخر من الاستفزاز فعندما أظهرت هذهِ العلامة التجارية عارضيها ليمشوا مع أسماك الكوي الميتة متدليةً من أفواههم، مستخدمين فكرة عمل قام به فنان الأداء الصيني جانغ هوان Zhang Huan بعنوان My Japan. حيث قام بأداء فني يعكس تجربته في الاستقرار في أماكن جديدة كأجنبي، وفي حالة رمزية اليابان في هذا العمل. يقول النقاد بأنه من الممكن أن تكون أحد التفسيرات المحتملة هو أن وضع أسماك كوي في الفم يرمز إلى صراع الثقافات والغُربة- فربما شعر الفنان وكأنه لا يستطيع أن يتكلم بشكل كامل و صريح. ويمكن أيضًا أن يُشير ذلك إلى الاستياء من فرض الرقابة على آراء وأفكار المجتمع في اليابان. ولا ننسى أن نذكر تاريخ اليابان العنيف مع الصين

ألن جونز/ريك أوينز قوة المراة لربيع / صيف 2016


يمين اعمال للفنان الن جونز / يسار المصمم ريك اوينز لـ JOYCE Hong Kong Store

عندما عرض ألن جونز سلسلة: كساء، وطاولة، وكرسي في عام 1970 (الفترة التي كانت فيها حركة تحرير المرأة ظاهرة وبقوة وكان المجتمع قد بدأ بنقد النظرة الذكورية في الفن) ولذلك استقبل الناس السلسلة بغضب شديد واحتجّت النسويات المناضلات اللواتي اعترضن على ربط النساء بالأثاث! حتى أنهن نفثوا القنابل التي كانت تنبعث منها رائحة كريهة داخل المعرض يومها. ونتيجة لذلك، اقترحت صحيفة الجارديان أن تُحظر الأعمال من المعرض. واقترحت مجلة ريب ريب أن المنحوتات أظهرت أن جونز كان مرعوبًا من النساء!


عندما سُئل الفنان عن سلسلة: كساء، وطاولة، وكرسي قال لصحيفة تلگراف "أردت أن أتخلص من آثار ما يُعتبر مقبولاً في الفن" - وهو شيء نجح فيه بلا شك. ومع ذلك، فقد أُسيء فهم سلسلته الفنية. فالأمر لم يكن متعلقًا بموضوع النساء بتاتًا بل كان محاولة لرؤية البشر من منظور آخر. حيث قال آلن جونز في مقابلة له حينما سُئل عن المظاهرات ضده واحتجاج الناس: "بالطبع كانت الهجمات مزعجة للغاية وأي شيء سأقوله كان سيبدو كمحاولة سخيفة أو كذريعة للهرب. أستطيع أن أرى لماذا تبدو السلسلة كمثال رائع للجدل حول تشييء النساء، وإذا اعتقد أي شخص ذلك فإنّه من الصعب جدًا بالنسبة لي إنكار نظريته. ولكنهُ تفسير مصادف ومؤسف لا علاقة لهُ بالعمل. فأنا كفنان، لدي مسؤولية تجاه الفن. وكإنسان، لدي مسؤولية تجاه المجتمع. لقد نشأت في إطار اشتراكي وأنا أُصنِف نفسي كمناصر نسوي ولست بحاجة للدفاع عن موقفي السياسي"


عمل جونز الثائر والموقف الفوضوي الذي أحدثه كان إلهامًا يمكن رؤيته في قلب عمل المصمم ريك أوينز لربيع / صيف 2016 حيث تظهر فيه النساء يسرن بشكل حازم أثناء ارتدائهن نساء أخريات وهذا التشابه أثار الصدمات لإجبار الجمهور على إعادة النظر في كيفية رؤيتهم للملابس والجسم البشري.

فانيسا بيكروفت: سينوغرافي اللوحات الصامتة لـ كانييه ويست

يمين الفنانه فانيسا بيكروفت / يسار كانييه ويست في عرض مجموعتة yeezy تشتهر فانيسا بيكروفت بمنحوتات الوسائط المتعددة و"اللوحات الحيّة”. وقبل تعاونها مع كانييه ويست في عروض الأزياء كانت قد أخرجت فلمه الموسيقي القصير ”Runaway" ولذلك تعاون معها لعرض سينوغرافي لعروض أزياء Yeezy. حيث جمعت فيه العشرات من النساء اللاتي بدَيْن متشابهاتٍ جدا لبعضهن البعض. وتم تعليمهن على عدم التحرك والبقاء بشكلٍ طبيعي متجاهلات نظرات وإزعاج العامة.

"كان علينا أن ننتظر حتى عام 2008 قبل أن تبدأ الفنانة بالتعاون مع كاني ويست مجددًا لعروض yeezy التي غالبا ما تكون بالتزامن مع صدور ألبوماته الجديدة. نجحا معاً في صنع لوحات جدارية حيّة تدمج بين الفن والموسيقا والأزياء. وهذا ما نفتقر إليه في الوقت الراهن! علامة yeezy التجارية تصنع منتجات وأزياء ذات طابع يُعرف باسم "أسلوب الشارع" وقد نُظمت هذه المناسبة كحدث كبير في ماديسون سكوير غاردن في نيويورك."

سان لوران ومجموعة موندريان:

Yves Saint Laurent, Fall Msjondrian Collection 1965 قد يكون فستان سان لوران من أشهر الأمثلة لاستخدام الفن لصالح الأزياء، فعندما أطلق المصمم سان لوران مجموعته: موندريان، المستوحاة من الفنان الهولندي بيت موندريان، ضم العرض في عام 1965 عشرة فساتين إلا أن فستانا واحدًا لم يتلاشى صداه حتى الآن، وهو فستان موندريان!

بيت موندريان المشهور بالفن التكعيبي، وهو أكثر فنان أثر في سان لوران وشكّل هذا التأثير نقلة كبيرة في عالم الموضة، وأصبح أيقونة لأناقة الستينيات التي عُرفت باسم ”مجموعة موندريان“. على الرغم من أن بعض المصممين الآخرين قد جربوا سابقًا تصاميمًا مشابهة إلا أن فساتين سان لوران استحوذت على خيال الجمهور وأطلقت مُستقبلًا جديدًا للفن في الأزياء. الفستان يزيّن متحف MET في نيويورك بعد أن وهبته السيّدة William Rand.

سيلفادور دالي و فستان سرطان البحر

دوقة وندسور ترتدي فستانًا من تصميم Schiaparelli بالتعاون مع سلفادور دالي.

من بين الكثير من تعاونات المصممة إلسا سكياباريللي والفنان سلفادور دالي فإن فستان اللوبستر هو دون شك أشهرها. كان دالي قد سبق واستخدم سرطان البحر في عمله، هاتف اللوبستر (Lobster Telephone)، لعام 1934. وبعدها تعاونا لصنع الفستان الصيفي لمجموعة Schiaparelli Summer 1937 Haute Couture حيث قام بوضع سرطان البحر مع غصن من البقدونس المطبوع على الأورجان الأبيض. ووفقا للإشاعات، أراد دالي وضع المايونيز على الفستان ولكن سكياباريللي رفضت!

ارتدت هذا الفستان دوقة وندسور وأليس وارفيلد سيمبسون والتقطت الصور وهي ترتديه قبل وقت قصير من زواجها من إدوارد الثامن، الأمر الذي أحدث الكثير من الضجة، لأن دالي لطالما استخدم سرطان البحر كرمز شهواني وخلط هذا الرمز على صفاء ورقة اللون الأبيض الحريري بدا مزعجًا وغير لائقٍ للعامة!

 

المصادر : 1, 2

Comments


bottom of page