top of page
  • Writer's pictureملاك الراشد

وجودية سارتر

قبل الدخول في شرح منهج الوجودية لسارتر، عملنا تجربة بسيطة على صفحتنا في الأنستغرام؛ حيث شاركنا لوحة (متجول فوق بحرًا من الضباب) وسألنا: ماذا سيكون شعورك لو كنت أنت هذا الشخص الواقف على حافة الجبل؟

بعض الإجابات على السؤال
بعض الأجوبة على السؤال

لم تكن نوعية الأجوبة غريبة، فجميعهم وصفوا مشاعر من حالة (القلق الوجودي)، وهو مصطلح شائع لدى العديد من الفلاسفة الوجوديون، سنتعمق في هذا المصطلح أكثر لاحقًا في المقالة. لكن الآن، لنبدأ في منهج جين بول سارتر!


جين بول سارتر (1905-1980)

المدرسة: الوجودية.

فيلسوف، وروائي، وكاتب مسرحي، وناشط سياسي فرنسي. اشتهر سارتر لكونه كاتبًا غزير الإنتاج، إضافةً لأعماله الأدبية وفلسفته المسماة بالوجودية ولالتحاقه السياسي باليسار المتطرف.

من خلال أفكاره، أعاد جين بول سارتر بناء الفلسفة المسيحية الوجودية لسورين كيركغور وحولها لفلسفة تفردية، منشئًا بذلك الفلسفة الوجودية التي تؤمن فقط بحرية الإنسان.


طفولة سارتر:

والدان سارتر
والدان سارتر

عاش سارتر في باريس، وكان الطفل الوحيد لجين وآني. وقد توفي والده بعد 11 شهرًا من ولادته. في البداية، انتقلت والدته آني للعيش مع والدها، وبعدما بلغ سارتر الثانية عشرة من عمره، تزوجت أمه وبقي سارتر وحيدًا مع جده. حيث قضي وقته في مكتبة جده يقرأ ويكتشف الكثير من الكُتب. خصوصًا أنه لم يكن قادرًا اللعب مع طلاب المدارس؛ لأنه كان دائمًا ما يتعرض للتنمر بسبب الحول الذي في عينه. لذا، انعزل وقرأ كثيرًا من القصص والروايات والفلسفة خصوصًا فلسفة كانط وسورين كيركغور. كما أن سارتر قد حارب في الحرب العالمية الثانية، وشهد ثورة الشيوعيون، وخاض في القضايا السياسية ، وعاش في باريس حيث كان الفلاسفة الفرنسيون يجتمعون. فلاسفة مثل آلبر كامو، وميشيل فوكو، وسيمون دي بوافور. كُتب سارتر قد تكون من أكثر الكتب الفلسفية شعبيةً؛ لأن لغة سارتر كانت يسيرة وحيّة. فسارتر لا يتكلم من برجًا عالي ولا يترك مجالًا للتفسير. كان قريبًا جدًا من الشباب، وكان يُلقي الكثير من المحاضرات ويشارك آرائه السياسية والاجتماعية على نحو دائم. كل ذلك جعله أكثر شعبية من غيره. فحتى العرب أحبوا سارتر وقرؤوا له كثيرًا؛ سارتر قد يكون الفيلسوف الأكثر شعبية في وقته فرأيه كان يؤخذ به في السياسة وملأت مصطلحاته دفاتر الشباب. كان بسهولة نجم البوب للفلسفة!


كيف غيّرسارتر مفاهيم الوجودية وأعاد تعريفها؟

سارتر يلقي محاضرة على مجموعة من الشابات والشباب
سارتر يلقي محاضرة على مجموعة من الشابات والشباب

في عام 1946 ألقى چان بول سارتر محاضرة بعنوان (الوجودية هي الإنسانية). هذه المحاضرة غيّرت مفاهيم عديدة وأسست الوجودية الحديثة (اللادينية بعكس سورين كيركغور). ولاحقًا نُشرت هذهِ المحاضرة ككتاب بنفس الاسم. استهل سارتر محاضرته بتعريف الوجودية عن طريق شرح أول مبدآن لها:

المبدأ الأول هو:
 الوجود يسبق الماهية.

هذه الجملة القصيرة تكاد تكون شعار سارتر التجاري وهي أهم مبدأ لفهم فلسفته. لكن ما معنى هذه الجملة؟

لوحة إقليدس لـ خوسيه دي ريبيرا
لوحة إقليدس لـ خوسيه دي ريبيرا

على سبيل المثال، عندما تُفكر في كتابًا ما. سترى أن الكتاب موجود لأن هنالك شخصًا ما قرر أن يكتب أفكاره وأن يطبعها على ورقٍ وينشرها. لذلك، فهذا الكتاب وُجد وصُنع من مفهوم الكاتب الذي أعده؛وهذا الكتاب موجود لتلبية غرض الكاتب. لذلك، فماهية الكتاب (جوهره/غرضه) كان سابقًا لوجود الكتاب نفسه! ومن المنطقي أنه لا يوجد أي سبب آخر يجعل منك ترغب في قضاء ساعات من الوقت لكتابة مئات الصفحات لكتابٍ دون وجود ماهية مسبقة.

يقول سارتر بأن هذه النظرة يجب ألا تنطبق على البشر؛ لأن وجود المرء يأتي قبل تحديد واختيار معنىً وجوده. سارتر ناقش في محاضرته كيف أن المرء يولد دون خيارًا مسبق، وبأنه يصطدم بالعدم مرارًا و تكرارًا، باحثًا عن معنى.

و لذلك، يرى سارتر أنه لا يجب علينا تطبيق مفهوم الماهية (الجوهر/الغاية) الخاص بالأدوات و الأشياء على الذات البشرية لأنها أعقد.



كيف أحدثت جملة "الوجودية تسبق الماهية" القصيرة هذهِ الضجة الكبيرة وغيّرت مفهوم الوعي البشري؟

منذ بدايات الوعي البشري تكررت النظريات حول معنى كوننا بشر، وعن الفرق بين الإنسان والحيوان والأدوات الأخرى. وفي الغالب، كان النهج المستخدم للإجابة على هذه الأسئلة ينص على أن للبشر جوهرًا مختلفًا عن باقي الأشياء الجامدة.«جوهرًا» موجود في كل إنسان يتخطى الكون والزمان. وهذا الجوهر لا يمكن تغييره، فهو قدرنا ومصيرنا. هذا المفهوم يُسمى بالحتمية وهو ما يقف سارتر ضده؛ الوجودية إحدى المدارس الفلسفية التي تهدم نظريات وفلسفات أخرى لتبني مفاهيم جديدة بدلًا عنها، لذلك عندما قال سارتر جملة "الوجودية تسبق الماهية"، هو بذلك هدم كل المفاهيم الأخرى ونفى وجود جوهر مُسبق بداخل كل إنسان فينا. ليس ذلك وحسب، بل إن سارتر نفى أيضًا المصير والقدر الواحد..

لكن، إذا كان المبدأ الأول يقول بأننا نولد بلا هدفٍ وغرض، ودون قدر. فما هي إذًا قيمتنا؟ و ما معنى وجودنا؟ في المبدأ الثاني من الوجودية يكمن الجواب:

المبدأ الثاني: لا قيمة للإنسان سوى القيمة التي يصعنها لنفسه.

الوجودية، من وجهة نظر سارتر، تقول إن المرء يوجد أولًا ومن ثم يحتك بالعالم الخارجي وتتكون له صفاته الخاصة وبعد ذلك عليه أن يختار لنفسه القيمة والمعنى الذي يريد. المرء، بالنسبة لسارتر، لا يجد نفسه وفقًا للقدر أو الحظ بل يصنع قيمته بنفسه. وهذا هو ما يعنيه المبدأ الثاني.

".. نعني أن الإنسان موجود أولاً: إنه يتجسد في العالم، ويواجه نفسه، وبعد ذلك فقط يعرف نفسه. إذا كان الإنسان كما يتصوره الوجوديون لا يمكن تعريفه، فذلك لأن البدء به ليس شيئًا. لن يكون أي شيء إلا في وقت لاحق، ثم سيكون هو ما يصنعه بنفسه.. ”

بهذان المبدآن يُلخص سارتر الوجودية الخاصة بِه. لكن الفكرة لا تتوقف هُنا؛ فالإنسان الناضج تُخيفه فكرة أن قيمة وغاية حياته هما له وحده ليرسمهما و ليحدد معناهما، هذه الحرية التي نملكها لها ثُقلًا كبير يقع على كُل فرد مِنا. لذلك عقولنا ستحاول أن تلعب لعبة لتجعلنا ننسى أننا أحرار. كيف؟ سارتر يصف ظاهرة نقع فيها كثيرًا:


Not To Be Reproduced by Rene Magritte
Not To Be Reproduced by Rene Magritte

الإيمان الخاطئ - Bad Faith
:

هو مصطلح استخدمه سارتر، ورفيقة دربه الفيلسوفة سيمون دي بوفوار، كثيرًا لوصف ظاهرة الخداع الذاتي التي يقع فيها المرء عندما يتبع قيم اجتماعية زائفة من أجل التخلص من حمل أعباء حريته الفطرية. سارتر يضرب أمثلة كثيرة على هذه الظاهرة. لنأخذ إحداها هُنا:


تخيلوا امرأة في موعدٍ غرامي برفقة شخصًا ما. وتخيلوا أن هذا الرجل يستمر بمغازلتها، ويمتدح جسدها وشعرها وثيابها غير مُباليًا بما تقوله هي. لكن، ربما لأن هذهِ المرأة تريد بالمُقابل شيئًا ما من هذا الرجل، فهي ستتجاهل أن الرجل الذي أمامها يُعاملها كأداة. وعندما يبدأ الرجل بلمس يدها فسوف تهب نفسها بسهولة من غير رفضٍ أو قبول. وستمد يداها وكأنهما جزءًا ليس منها.

في هذه الحالة المرأة مثال على (الإيمان الخاطئ) فهي تعتقد بأن كونها أنثى يقتضي عليها أن تكون مستمتعة بالمديح وأن صوتها لا يهم. إنها موجودة فقط لإرضاء الرجل أمامها. المرأة هُنا تنكر حريتها وتتصرف مع ذاتها ككائن مادي. إذ تتخيل أن ماهيتها وقدرها الوحيد يكمن في كونها أداة. الإيمان الخاطئ هو فخ نقع فيه جميعاً، نتيجة لبرمجة اجتماعية مسبقة وهو ما يجعل الشخص عالقًا ومُنكرًا لحريته.

أمثلة أخرى للإيمان الخاطئ:

  • تأجيل اتخاذ قرار ما لأنك تنتظر رسالة من "الكون".

  • أن تتجنب فعل ما تريده بسبب المجتمع.

  • أن تقاتل في معركة لا تؤمن فيها؛ فقط لأن المجتمع سيعتبرك بطلًا.

  • أن تعيش مع جسدك و كأنهُ مادة منفصلة عنك (مثل المرأة التي في موعد).


الوجود والعدم، الفرق بينك وبين باقي الأشياء وثقل الحرية:

كتاب سارتر (الوجود والعدم) يُعتبر دراسة في علم الأنطولوچيا (يونانية: بمعنى الكينونة، وعلم الوجود، وتجريد الوجود). في هذا الكتاب يُنكر سارتر النظريات المثالية، مثل نظرية المثل لدى أفلاطون وكانط، ويضع بدلًا عنهم أنواعاً للوجود بالنسبة للوجودية الحديثة. وهما نوعان:

النوع الأول: موجودًا في ذاته- en-soi - being-in-it-self.

وهو الوجود اللاشعوري، الملموس، الذي يفتقر القدرة على التغيير، والغير المدرك لنفسه. وهذا يقتصر على الأشياء الجامدة كالشجرة أو السكين.


لننظر إلى خصائص السكين كمثال:

  • شفرات حادة لتقطع بإحكام.

  • مُصممة هندسيًا ومُلائمة للإمساك باليد.


  • لا تتغير وجوهر وجودها واحد.

النوع الثاني: موجودًا لذاته، pour-soi ،being-for-itself.

وهو الوجود الواعي، المتغير والغير المكتمل. بالنسبة إلى سارتر، عدم القدرة على الوصول إلى الكمال المطلق هو ما يُميز البشر عن غيرهم من الكائنات. ونظرًا لكون المرء يفتقر إلى جوهر مُحدد مسبقًا، فإنه يضطر إلى خلق نفسه من العدم مِرارًا. بالنسبة لسارتر، المرء يصنع نفسه من خلال عمله في العالم لذلك، يجب على الإنسان، كموجود لذاته، أن يُحفز كيانه دومًا.

لوحة الصرخة لـ إدفارت مونك
لوحة الصرخة لـ إدفارت مونك

الزمن الوجودي لا يهتم بما فعلته بالماضي، أو بما ستفعله في المستقبل جُلّ ما يُهم هو الآن وما تختار أن تفعله في هذهِ اللحظة. ذلك هو ما يقرر أهميتك وجوهرك. لكن المفارقة والمعضلة الوجودية التي لا يوجد لها جواب والتي يختتم بها سارتر كتاب (الوجود والعدم)، بشعورٍ باليأس، هي أن المرء ينبغي عليه أن يعترف بأنهُ ناقص، كونه يولد من العدم، وبأنه من المُمكن له أن يسقط في الخداع الذاتي، لكن سارتر بالمُقابل يُذكرنا، ويقول: "أنا حُر، أنا مُتعالٍ، وأنا واعي، وأنا أصنع العالم!"

“ هوية الفرد لا تهمني، ما يهمني هو ما يُمكن للفرد أن يكون”

مامعنى ذلك؟

إن الحرية تفتح خيارات مُتعددة للفرد في كل لحظة. وفي كل لحظة، نحن نختار ونقرر ما نُريد أن نكون. أليست الفكرة رائعة، وربما مرعبة بعض الشيء؟ لنتمرن على هذهِ الفرضية: تخيل احتمالية كُل قرار ستتخذه، وكيف سيؤثر تِباعًا على حياتك، ومصيرك، وهويتك! إن لهذا الشُعور المرعب، ثِقل يقع علينا كلمّا زاد وعينا به. سارتر نقل لنا هذه التجربة في روايته الرائعة «الغثيان».


رواية الغثيان:

الرواية تتحدث عن (أنطوان روكتين) وهو شخص يشعر بالاشمئزاز الدائم من وجوده. أنطوان يعيش معظم أيامه صامتًا، يُنصت أحيانًا لأحاديث الآخرين. وكثيرًا من ساعات وقته يقضيها مُحدقًا بالأشياء التي حوله; يُحدق مثلًا في مقاعد الحافلة ويتساءل:

من صنع هذهِ المقاعد؟

ما قصة الجلد الذي يلبسها؟

من جلس قبلي على هذه المقاعد؟


لا ينفك روكتين عن التساؤل حتى يغمره شعور التقيؤ والغثيان.


يومًا ما، يتعالج أنطوان من هذا الغثيان. كيف ذلك؟ بموسيقى الجاز!

يومًا ما وفي وسطِ مقهى مزدحم، يستشعر أنطوان لحظات تُرجعه إلى ذاته حين تشتغل أغنية «Some of These Days» فعند سماعه للأغنية لأول مرة، يتوقف أنطوان عن التساؤل والقلق وينسى كل ماحوله ليستشعر جمال الأغنية وجمال اللحظة الحاضرة، ناسيًا الغثيان المُزمن الذي لطالما صاحبه ليستمتع بالأغنية دون قلق وجزع:

"إنني مُنفعل... أنا من جهتي كانت لدي بعض المُغامرات الحقيقية. لا أذكُر مِنها أي تفصيل. ولكن يمكنني أن أرى التعاقب الشديد للظروف. لقد عبرت البحار، وتركتُ المدن ورائي، وعبرتُ أنهارًا، وأوغلت في الغابات، وكُنت دائمًا أقصدُ مُدنًا أخرى. لقد تعرفت على النساء وقاتلت مع الرجال. ولم أستطع الرجوع إلى الوراء قط. شأني شأن هذهِ الإسطوانة التي لا يمكن لها الدوران عكسيًا. وكل ذلك، كان يقودني إلى أين؟ إلى هذهِ اللحظة بالذات، إلى هذا المقعد، في هذهِ الفقاعة من الضوء التي تعج بالموسيقى."

ماكان يشعر به أنطوان هو شعور معروف بالفلسفة الوجودية ويُسمى بالـ (القلق الوجودي/ فزع وجودي) (Existential Angst/ dread): حيث وصفه أغلب الفلاسفة الوجوديين بأنه شعور سلبي ناشئ من إدراك المرء لحريته المطلقة ومسؤوليته الإنسانية نتيجة كونه مُلقى في هذا العالم. ومن أبرز الأمثلة الأثرية التي تصف القلق الوجودي هي مثال المرء الواقف على حافة جبل عال: ففي هذهِ التجربة، نرى أن الشعور بالرعب والهلع الذي يشعر به المرء عند إدراكه بأنه يستطيع أن يرمي نفسه وأنه وحده من يملك الخيار لجعل حياته تستمر تكاد تكون أكثر رعبًا وهلعًا من فكرة الموت نفسه!


 لوحة متجول فوق بحر من الضباب
لوحة متجول فوق بحر من الضباب
الإنسان محكوم عليه بالحرية؛ لأنه بمجرد إلقائه في العالم، يُصبح مسؤولًا عن كُل مايفعله. الأمر متروك لك لإعطاء الحياة معنى.

لطالما كانت لوحة «متجول فوق بحر من الضباب» تحمل رمزية ما لفلسفة الوجودية واستخدمها الكثيرين كغلافٍ لكُتب الفلاسفة الوجوديون. فكونك على حافة جبل عال يعني أنه ليس هنالك شيئًا يُعيق حريتك، وأن حياتك هي لك، أنت فقط من يُحدد مصيرها ومعناها. فكرة تكاد تكون رومانسية على نحو مُقلق. أنطوان روكنتان كان حبيسًا لهذا القلق المزمن؛ يفكر بكل احتمالات الحياة، كما لو أنه واقف أبديًا على حافة جبل عال يتأمل احتمالات سقوطه. الشعور المتعمق بهذه الحالة هو شعورٌ ثقيل وبائس لدرجة الغثيان. والحل الوحيد للتجاوز يكمن في صرف أذهاننا عنه، وفي إطلاق سراح الغرق بالتفكير، وبمحاولة الاستمتاع بتفاصيل الحياة عوضًا عن ذلك؛ كالاستمتاع بألحانِ أغنيةً جازًا جميلة!

 

مراجع:

  • Existentialism is a Humanism Book, Jean-Paul Sartre, 1946.

  • Being and Nothingness Book, Jean-Paul Sartre, 1943.

  • Essays in Existentialism Book, Jean-Paul Sartre, 1965.

  • Nausea Novel, Jean-Paul Sartre, 1938.


bottom of page