top of page
  • Writer's pictureهديل أحمد

ًمعنى أن تكون كاتبًا

بدأت رحلتي في إكتشاف عالم الكتابة عندما كنت أكتب مذكراتي بشكل شبه يومي، كنت حينها أكتبها بلهجة عامية مُحدثة فيها نفسي وجمهوري الذي لا أعرفه وأظن بأنه يقرأ لي. وأنا الآن مازلت أكتب يومياتي متمنية أن لا يقرئها أحد؛ فقد اختلف الأمر بشكل طفيف عن السابق، حيث كُنت أكتب في مذكراتي كل شي يحدث معي خلال يومي دون هدف. أما الآن فأنا أكتب فقط عن الأيام المختلفة التي تسعدني بحق، وعن شدة الألم في بعضها، وأحيانًا أكتب لنفسي رسائل تحفيزية كي أظل مؤمنة بأنني لن أضيع من نفسي.



انتقلت من كتابة المذكرات اليومية لكتابة الخواطر والمقالات النقدية والعلمية التي أنشرها إما في دفاتري أو المدونة أو على صفحة المنتديات .وصولًا إلى التغريدات والمنشورات الإعلانية. هذا التطور، أو ما أُسميه بـحالة النمو الكتابي، يُعبر عن مراحل الانتقال من كتابة البديهيات وما يحدث في يومي بهدف شخصي إلى نوع من الكتابة أكثر جدية يدخل ضمن نطاق الأهداف المجتمعية والتجارية بعيدًا عن التجربة الحسية المحدودة. هذا الإنتقال يجعلني لا أتوقف عن الدهشة من قدرة المشاعر والأفكار، وكل ما يحمله الإنسان من مكنونات عميقة، على أن تُترجم في حروف مكتوبة لتصبح بسحر اللغة نصًا مقروءًا، أو مرئياً، أو مسموعاً ويصل بذلك، لروح إنسان آخر مُكونًا بذلك ألف معناً جديد ومختلف.


تأكدت بأن الكتابة هي أكثر الوسائل التي تساعدني للتعبير عن نفسي، بالرغم من أني لست متمرسة بما يكفي وأعتبر نفسي واحدة من أولئك الكُتاب الخجولين والمتكاسلين الذين يكتبون خفيةً ويعتمدون على طريقة واحدة في الكتابة، من دون أن اتجرأ على أن أخطو وأذهب إلى أماكن جديدة في الكتابة. ولتعمقي مؤخراً في موضوع الكتابة طرأ علي بعض التساؤلات: ما هو تاريخ الكتابة؟ ما هي اللغة؟ وعلى أي أساس تتشكل الكلمات البلاغية؟ ما هو النص المتاح للنشر؟ وكيف أكتب نصًا صحيحًا؟ هل يجب أن أكتب لنفسي أم للآخرين؟



السؤال الأخير جعلني أوجه تفكيري نحو دوافع الكتابة لدي ولدى الآخرين. التفكير في الأسباب جعلني أصادق الكاتب عمر الرديني في قوله لي في حوارنا الأول الذي دام لساعات، حيث كان يستمر بذكر وجوب الكتابة للجميع وأن التشجيع عليها أهم بكثير من التشجيع على القراءة! من وجهة نظري، أرى أن الغاية من الكتابة يتمثل في كونها عملية للتفريغ والجمع، فنحن نقوم بسكب ما لدينا على الورق كمحاولة للتنفيس عن شعور ما أو للتعبير عن الأفكار أولتوثيق الأحداث من زاوية ما. وبعد ذلك، نحاول جمع المنثور مما كُتب وتحليله وإعادة فهمه لأهداف مختلفة. وأكاد أؤمن بأن كل البشر لديهم شيء واحد على الأقل يستيطعون التعبير عنه بالكتابة.


في هذه المقالة حاولت أن أقوم بعمل مراجعة لكتابين قمت بقراءتهم الفترة الماضية بينما كنت أغوص في محاولتي لفهم عالم الكتابة. ولأني متاكدة بأن هنالك الكثير من الكُتاب الخجولين والمتكاسلين أمثالي الذين يحتاجون للقليل من المعرفة حول التجارب الكتابية المختلفة لكي يتشجعوا لإتخاذ خطوات متقدمة في فهم هذا الفن، فأنا هُنا أقوم بمشاركة ماتعلمته آملةً أن تكون مقالتي هذهِ قد تكون إحدى العوامل المُساعدة لفهم فن الكتابة.


كتب مساعدة لمعرفة أسرار الكتابة:

 لماذا نكتب لميريديث ماران
لماذا نكتب لميريديث ماران

لماذا نكتب لـ ميريديث ماران:

يوضح هذا الكتاب أهمية الكتابة وكيف أن تعدد الأسباب يثبت مدى تأثيرها في نفس الكاتب أولًا والقارئين له ثانيًا. هذا الكتاب أعتبره جرعة محفزة للتمسك بالكتابة كأداة فنية للتعبيرعن الذات. كتاب «لماذا نكتب؟» للكاتبة الأمريكية المعاصرة ميريديث ماران التي تبلغ من العمر 69 عام.


تعمل ميريديث مؤلفة وناقدة للكتب إضافة لعملها كصحافية، بدأت بكتابة كتابها الأول قبل بلوغها سن العشرين. ويعتبر هذا الكتاب من أشهر أعمالها. في كتاب «لماذا نكتب؟» ستجد عشرون كاتب وكاتبة يجيبون على أسئلة تخص الكتابة ويستهدف المحتوى الكُتاب، بجميع درجاتهم وخاصة المبتدئين، كما أنه لا يعفي المحترفين منهم من قراءته وطرح ذات الأسئلة على أنفسهم. الكتاب هو بمثابة لقاءات صحفية مدعومة بسير ذاتية مختصرة عن الُكتاب، وقد قام بترجمته للغة العربية فريق تطوعي تم إنشاؤه من قبل منصة تكوين للكتابة الإبداعية.




استعرت كتاب «لماذا نكتب؟» من المكتبة المنزلية التي تملكها خالتي أفنان وهو أحد الكتب التي كانت تتصدر قائمة الكتب التي أرغب بشرائها. ومن شدة تعلقي بالكتاب وإعجابي به، لم أقم باعادته لها بل قمت بشراء نسخة جديدة لها بدلًا من النسخة التي أعطتني إياها، لأنني كالعادة لم أمنع نفسي من الكتابة في هوامش أغلب الصفحات وتظليل الكثير من الإقتباسات.


تذكر الكاتبة قصة فضولها الكبير للبحث عن أجوبة لأهم الأسئلة حول الكتابة وعن الأسباب التي تدفع أي شخص لأن يكتب؛ متساءلةً لماذا يصبح بعض الناس جراحي أعصاب، منظفي أسنان، استثماريين، بينما يختار آخرون مهنة لا تعود لهم إلا بالفقر والرفض والشك الذاتي؟ وبعض أهم الأفكار التي تطرق لها الكتاب: يكون الكلام مكتوبا على لسان الكاتب، يليه أفكار عامة يتبناها الكاتب وأجوبه عن أسئلة جوهرية في الكتابة مثل: كيف أكتب؟ أفضل وقت للكتابة؟ لماذا قطع أدب المراهقات الطريق؟ الأعمال الأدبية المترجمة وكيف تؤثر على الإنطباع العام للعمل الذي تمت ترجمته؟ حبكة الكاتب ما هي وإلي ماذا تشير؟ آلية الانضباط في الكتابة؟ وهل يتعارض كلٌ من الفن والسياسة؟ وغيرها الكثير من الخبرات والأجوبة. الجميل في الكتاب أنه يحوي الكثير من القصص المشوقة حول الكُتاب، بعضهم يحكي بداياته والبعض الآخر يتحدث عن أسوأ وأفضل عمل قام بكتابته، والطقوس والعادات التي يتبعونها في الكتابة. كما يظهر في نهاية كل فصل أسلوب وعقلية الكاتب في إجابته على السؤال وتباين الخبرات ووجهات النظر الفنية في إلقاء النصائح والتي أعتبرها موجز رائع لمعرفة فكر الكاتب. جواب الكاتبة ميغ واليترز عن سؤال "لماذا نكتب؟" كان مثيراً للإهتمام فهي تصف الكتابة بأنها الشيء الوحيد الذي تعرفه ويستطيع أن يحررها من القلق؛ فهي تكتب لكي تكشف عن طريقة وجودها في العالم ، وتقول أيضًا:


نوع معين من الكُتاب يكتب لكي يقابل أشباحه. أنا لست شجاعة إلى هذه الدرجة. إلى حد ما، أحتاج أن أكون مطعونة عندما أكتب. أنا لا أقرأ أو أكتب لأهرب، ما من مهرب. عندما أعمل، أريد أن أحقق نوعاً ما من التعديل، لكي أخلق من العالم المشوه عالماً مثيراً. أكتب لكي أشكل فكرة كنت من الأساس أُشكلها بالمطرقة في رأسي، لكي أكوّن منها شيئاً متماسكاً. إنه امتداد طبيعي لثرثرتي الداخلية، وحين يكون لدي ثرثرتي الداخلية بالإضافة إلى شعور بالالتزام، فهذا ينتج كتابًا.

ولولا أني أتفق مع الكاتبة بثينة العيسى في أن الكتاب مادة غنية يصعب إختيار بعض الاقتباسات منها، إلا أني اخترت عرض القليل من الاقتباسات التي أعجبتني:


«الحبسة هي نتيجة قرار خاطئ قمت باتخاذه ومهمتي هي العودة للوراء لرؤية ما إذا كنت قادرة على تحديد مفترق الطرق حيث مضيت نحو الاتجاه الخاطئ»
«هيكل الرواية هو شيء تكتشفه، وليس شيئا تركبه، لا تمسك لوحة المفاتيح لتصبح عبداً لخطتك في الكتابة»
«أن تعيش يعني أن تتقدم من الحماقة إلى الحكمة، إذا كنت محظوظا، ثم إن كتابة الرواية تعني أنك تنشر مراحل مختلفة من حماقتك»

وفي أغسطس 2019، وبعد الإنتهاء من قراءة كتاب «لماذا نكتب؟»، قررت بجدية أن أحاول تحسين مهاراتي الكتابية. فبدأت أنا وصديقتي رفاء بالتمرين الكتابي اليومي محاولين إعادة تعريف بعض المفاهيم والمصطلحات بشكل عشوائي لفهم ما تعنيه لنا الكلمات وكيف يمكننا أن نعبر عنها. فقمنا بوضع قائمة تتضمن بعض المصطلحات واخترنا كلمة واحدة لكل يوم لنكتب عنها، هذا التمرين البسيط جعلني أحاول البحث عن كتاب يساعدني أكثر في تطوير كتابتي الوصفية فوجدت الكثير من التوصيات التي تنصح بقراءة كتاب «الحقيقة والكتابة لبثينة العيسى».


الحقيقة والكتابة لـ بثينة العيسى:

هو بمثابة ورشة عمل مصغرة للكتابة الروائية وبشكل عام لتلك الكتابات الوصفية الموجهة مباشرة من الكاتب للجمهور، ويساعد هذا الكتاب في تمرين الأداة الفنية الكتابية وتبسيط بعض التقنيات الخاصة بها. قامت بثينة العيسى بتأليف هذا الكتاب، وهي المؤسِسة لمكتبة «تكوين» منصة الكتابة الإبداعية. تعمل بثينة بائعةً للكتب في مكتبة تكوين وتعرف نفسها في صفحتها بتويتر بأنها طفلة مستعصية ومشروع شجرة. بثينة هي كاتبة وروائية كويتية صدر لها العديد من الروايات التي لاقت على استحسان كبير من الجماهير. حازت على جائزة الدولة التشجيعية عن روايتها «سِعار» التي صدرت عام 2005 وحصلت على ذات الجائزة عام 2017 عن روايتها «كبرت و نسيت أن أنسى».


الكتاب، كما ذكرت مسبقًا، يكاد يكون بمثابة ورشة عمل مصغرة وتم تقسيمه إلى أربعة فصول تتضمن المحاور الأساسية المرتبطة بالكتابة الوصفية والعناوين ذات الصلة. في بداية كل عنوان من الفصل يتم عرض بعض الإقتباسات المتعلقة بالأدب والفن بشكل عام. يُختتم الحديث عن العنوان بورشة عمل تشمل تمارين كتابية التي يمكن للقاريء من خلالها تجريب الأفكار التي تم طرحها في الفصل. إضافة لقائمة لبعض القراءات المقترحة من كتب و أفلام ومقالات. الكتاب رغم حجمه الصغير إلا أنه دسم ومليء بالتفاصيل والملاحظات المهمة!

كيف يساعدك هذا الكتاب لأن تكون كاتب أفضل؟ أولًا: يجب أن نتملك معرفة الإستراتيجيات! الحقيقة الروائية، وماهي الكتابة الوصفية؟ هل ينبغي أن نعرف ما نفعل؟ الكتابة الوصفية والحبكة، الكتابة الوصفية و الإيقاع، ماذا نصف؟

عند الحديث عن الحقيقة الروائية بدأت الكاتبة بثينة العيسى باقتباس لإبراهيم الكوني يقول فيه :

«المبدع لا يبدع في سبيل مال، ولا في سبيل مجد، ولا حتى في سبيل خلود. المبدع يبدع في سبيل مبدأ واحد، أعلى من كل مبدأ وهو الحقيقة»

ترى بثينة أنه من الإستحالة القبض على الحقائق في الأعمال الفنية، ولكون الحقيقة هي المراد بلوغه فلابد إذًا للرواية أن تسرد الأكاذيب. وحين أرادت الكاتبة تعريف الكتابة الوصفية:

«الكتابة الوصفية أداة أدبية يوظفها الكاتب لكي تتحول القراءة من عملية ذهنية مجردة إلى تجربة متكاملة، ذهنياً، حسياً، و عاطفياً. إنها الطريقة التي تتحول فيها الكلمات من رموز مجردة إلى صور، وأصوات وأحاسيس. ومختصر الغاية من الوصف هو جعل المحسوس مثيرًا عقليًا لخلق المعنى المجرد»

لفت إنتباهي تشبيه الرواية بالموصل الحراري؛ ووجه الشبه بينهما يكمن في كونهما وسيطين بين مادتين. وفي الرواية يكون دورها كوسيط أن تصبح الذات هي الآخر، سامحة للقاريء بالتنقل من مكانه إلى مكان شخص آخر حاملًا معه عبء تجربة لم يعشها. أما من وجهة نظر الكاتب المصري توفيق الحكيم، فهو يُصِنف الُكُتاب إلى نوعين وهما:


النوع الأول: العالم والفيلسوف، وهو الذي يتخذ منهج البحث والتحليل في كتابته ويجعل المعلومة هدفاً للكتابة. متخذًا المنطق والعقل طريقا له.


النوع الثاني: الأديب والفنان، وهو الذي يلجأ إلى موهبة الخلق والمحاكاة آخذاً القاريء إلى عالمه الخاص بأقل قنوات العقل والمنطق.


وفي الاجابة عن سؤال هل ينبغي أن نعرف ماذا نفعل؟ أكدت بثينة على أن الوصف ضرورة لازمة للكتابة والأمر لا يتعلق به وحده، بل الوعي الكافي لدى الكاتب بجميع أدواته و كيفية توظيفها. فإذا كان الكاتب الروائي من نوع الأديب والفنان فإنه أيضًا قد يكون أحد النوعيين التاليين: إما الروائي الساذج أو الروائي الحساس. حيث أن السذاجة و الحساسية تعتبران كمرحلتين في الكتابة. فالساذج الذي يكتب المسودة في المرحلة الأولى يتميز بكونه: عفوي، حساس، عضوي، فياض، متخلق ذاتيًا, والحساس الذي يكتب في المرحلة الثانية فهو: شكاك، متسائل، متفحص، واعي، قلق.


فأهمية التدريب الإبداعي تكمن في أن نصبح سذجًا على نحو أفضل من خلال رفع حساسيتنا. وأن نحافظ على حرارة لحظة الخلق دون أن تتضارب أو تتناقض مع أدواتنا الفنية. في هذا الفصل كان الإسهاب واضحًا في جدلية الحبكة وأهميتها في القصة الروائية. وترجح الكاتبة رأي ستيفن كينغ الذي يُقسم العناصر الأساسية في صناعة القصة إلى: السرد والوصف والحوار، وأن الشخصيات والحبكة والمكان والزمان آثار جانبية للقبض على هذهِ العناصر الأساسية.



ولأننا في العملية الإبداعية لا نحاكم الأساليب بصفتها صوابًا أو خطأً، وأن الكتابة دائماً ماتحدث في منطقة رمادية بين التخطيط والعفوية، عرضت لنا العديد من الكتاب الذين يميلون إلى أحد الجانبين وآرائهم بشكل سلس وأعطت أمثلة مقتبسة تدعم فيها رأي كينغ الذي تميل إليه، و لتعزيز هذا الرأي قدمت ٤ تمارين كتابية لتوضيح الفكرة، يليها قائمة بأسماء كتاب يخططون للحبكة و آخرون لا يخططون.


اختتمت الفصل الأول بالحديث عن علاقة الوصف بالإيقاع وبأنه من اللازم إتقان فن التهدئة. بأن يعرف الكاتب متى يسهب بالوصف ومتى يسرع. فقدرة الكاتب على أن يصف بمقدار صحيح تكشف براعته و حساسيته كقاريء.


الفصل الثاني: الأدوات - الكلي و الجزئي:

«أنا لا أطلب منك أن تصف سقوط المطر ليلة وصول كبير الملائكة، أنا أطلب منك أن تجعلني أتبلل!فكر في الأمر أيها الكاتب، ومرة واحدة في حياتك كن الزهرة التي تفوح بدلاً من أن تكون مؤرخ العطر» - ادواردو غاليانو.

تكمن أهمية الكتابة الوصفية بأنها تجعل التفاصيل متجذرة في الحواس الخمس. وترى بثينة أنه لكي ينجح الكاتب فعليه كشف وجه جديد للأشياء أو أننا سنفشل في ذلك ونصف كما يفعل الجميع. بتلك الحواس الداجنة، الضامرة، والعاجزة عن الإكتشاف.



الفصل الثالث: الموضوعات - كل ما يُمكن وصفه:

الحديث هنا عن أهم الأشياء التي يتم وصفها من شخصيات، وفضاء، إضافة إلى المشاعر والأحاسيس. تقول بثينة أن حلم الُكتاب هو كتابة شخصية تنجح، عبر الزمن، بأن تتسلسل من صفحات الكتاب لتتجذر في وجداننا الجمعي. أرى أن في ذلك إعترافًا ضمنيًا بأن حياة واحدة لا تكفي وأننا جشعون جدًا ونريد أن نعيش تجارب أخرى. توضح أيضًا بثينة دور السرد والوصف والحوار في رسم عن هذهِ الشخصيات للقاريء وجعله يتذكر شخصيات الكتاب وينسى اسم كاتبه!


من وجهة نظر بثينة أن وصف الفضاء لا يعني تصويره للقاريء وحسب بل الذهاب أعمق في فضح طبيعة علاقته بالشخصيات وتأثيره الضاغط على علاقة الشخصيات بعضها ببعض. أعجبني في هذا الكتاب أنه لا يبحر في تقنيات الكتابة بشكل كبير بل يضع إشارات على أهم الأفكار الكتابية التي يجب لفت النظر إليها. فبالنسبة لي ككاتبة أخجل من وصف الكثير من الأشياء في قالب القصة وفي الغالب لا أستصيغ الروايات بشكل عام. إلا أني أحببت المنطقة الخضراء بين الأدب والفلسفة كما في روايتي المفضلة «عالم صوفي» فعدت مع نفسي لأتذكر كيف يمكن للكثير من القصص الخيالية التي تدور في ذهني أن تصبح بقدرة الوصف نصًا أستمتع به. جمالية كتاب «الحقيقة والكتابة» لبثينة العيسى يكمن في التمارين الكتابية؛ فقد كنت من شدة حماستي أمارس روتيني اليومي وأشاهده من بعيد كما لو أنه حكاية تُروى، وفي الحقيقة أعجبت بأحد كتاباتي السريعة في أحد التمارين الكتابية الذي كان يوضح أهمية فن التهدئة بكتابة سلسلة من الجمل السردية، ومن ثم تطعيم الفقرة بجمل وصفية، لنرى الفارق في إعطاء إيحاءات مختلفة لجملة واحدة بسحر الوصف. وغير هذا التمرين هناك الكثير من التمارين التي من الممتع التفكير بها على الأقل. أوصي بهذا الكتاب لكل من هو مهتم بالكتابة فكل على حسب مستواه الفني يستطيع رؤية شيء ما يساعده في تطويع هذه -أعني الوصف- الأداة الفنية.


وللعودة للتساؤل عن: لماذا نكتب؟ ولماذا نقرأ؟

أجد أنه لا إجابة محددة لهذين السؤالين، كما لو أن الكتابة والقراءة فطرة خُلق عليها الإنسان ويتمرس على ترسيخها واستخدامها للتعبيرعن ذاته، كأحد الوسائل الضرورية لمعرفة الشكل الذي تسير به الحياة. في نهاية هذه المقالة أريد أن أشكر الأشخاص الذين يكتبون، و على وجه الخصوص أولئك الذين أستمتع بقراءة كتبهم، و الشكر الكثير للكُتاب الذين كتبوا عن الكتابة والذين يسعون لتفسير هذه الهبة الإلهية و لتعلم فنونها. وأود شكركم أنتم أيها القراء لإعطائي الوقت لقراءة هذه المقالة التي أعود بها لنفسي وأحفزها للكتابة!


واعتبروا هذهِ المقالة بمثابة دعوة مني لكل أصدقائي من الكُتاب "الخجولين والمتكاسلين" للتشجيع على الكتابة عن كل شيء، وأن نرسم في ذهننا سلمًا نصعد به مع ذواتنا للبحث عن ما هو مفهوم وغير مفهوم أيضًا. ولأن الكتابة هي المجهر الذي يكشفنا لأنفسنا قبل الناس؛ فهو أمر يستحق المحاولة ألف مرة .


الكتابة هي الماضي، الماضي الذي يرى مستقبلنا بوضوح دون أن نمل وقتنا الحاضر. الكتابة هي الجنة، الجنة التي تملؤونا بالرضا و نحن نرتكب المعاصي. - عمر الرديني من كتابه غوى.
 

مراجع و بعض التوصيات لأعمال ذات صلة بفن الكتابة :


  • .The Rewrite film, 2014

  • كتاب أدوات الكتابة, روي بيتر كلارك, 2008.

  • كتاب تحت ظل الكتابة, أمير تاج السر، 2016.

  • كتاب الزن في فن الكتابة، راي برادبري، 2015.

  • كتاب لماذا نكتب، ميريديث ماران، 2014.

  • كتاب التجربة والتكوين, عبدالعزيز القباني، 2018.

  • كما أن منصة تكوين للكتابة الإبداعية تعتبر مرجعا قيمًا لإحتوائها على العديد من الإصدارات والمقالات المتخصصة في الكتابة، من تمارين و طقوس وغير ذلك الكثير.

bottom of page